شعر غزل شعر حب نزار قباني
حب بلا حدود
يا سيِّدتي
كنتِ أهم امرأةٍ في تاريخي
قبل رحيل العامْ !
أنتِ الآنَ ! ! أهمُّ امرأةٍ
بعد ولادة هذا العامْ ! !
أنتِ امرأةٌ لا أحسبها بالساعاتِ و بالأيَّامْ !
أنتِ امرأةٌ ! !
صُنعَت من فاكهة الشِّعرِ ! !
و من ذهب الأحلامْ ! !
أنتِ امرأةٌ ! ! كانت تسكن جسدي
قبل ملايين الأعوامْ ! !
يا سيِّدتي:
يالمغزولة من قطنٍ و غمامْ !
يا أمطاراً من ياقوتٍ ! !
يا أنهاراً من نهوندٍ ! !
يا غاباتِ رخام ! !
يا ن تسبح كالأسماكِ بماءِ القلبِ ! !
و تسكنُ في العينينِ كسربِ حمامْ !
لن يتغَّرَ شيئٌ في عاطفتي ! !
في إحساسي ! !
في وجداني ! ! في إيماني ! !
فأنا سوف أَظَلُّ على دين الإسلامْ ! !
يا سيِّدتي:
لا تَهتّمي في إيقاع الوقتِ, و أسماء السنواتْ !
أنتِ امرأةً تبقى امرأةً ! ! في كلَِ الأوقاتْ !
سوف أحِبُّكِ ! !
عد دخول القرن الواحد و العشرينَ ! !
و عند دخول القرن الخامس و العشرينَ ! !
و عند دخول القرن التاسع و العشرينَ ! !
و سوفَ أحبُّكِ ! !
حين تجفُّ مياهُ البَحْرِ ! !
و تحترقُ الغاباتْ ! !
يا سيِّدتي:
أنتِ خلاصةُ كلِّ الشعرِ ! !
و وردةُ كلِّ الحرياتْ !
يكفي أنت أتهجى إسمَكِ ! !
حتى أصبحَ مَلكَ الشعرِ ! !
و فرعون الكلماتْ ! !
يكفي أن تعشقني امرأةٌ مثلكِ ! !
حتى أدخُلَ في كتب التاريخِ ! !
و ترفعَ من أجلي الراياتْ ! !
يا سيِّدتي:
لا تَضطربي مثلَ الطائرِ في زَمَن الأعيادْ !
لَن يتغَّرَ شيءٌ منّي !
لن يتوقّفَ نهرُ الحبِّ عن الجريانْ !
لن يتوقف نَبضُ القلبِ عن الخفقانْ !
لن يتوقف حَجَلُ الشعرِ عن الطيرانْ !
حين يكون الحبُ كبيراً ! !
و المحبوبة قمراً ! !
لن يتحول هذا الحُبُّ
لحزمَة قَشٍّ تأكلها النيرانْ ! ! !
يا سيِّدتي:
ليس هنالكَ شيئٌ يملأ عَيني
لا الأضواءُ ! !
و لا الزيناتُ ! !
و لا أجراس العيد ! !
و لا شَجَرُ الميلادْ !
لا يعني لي الشارعُ شيئاً !
لا تعني لي الحانةُ شيئاً !
لا يعنيي أي كلامٍ
يكتبُ فوق بطاقاتِ الأعيادْ !
يا سيِّدتي:
لا أتذكَّرُ إلا صوتَكِ
حين تدقُّ نواقبس الأحيادْ !
لاأتذكرُ إلا عطرَكِ
حين أنام على ورق الأعشابْ !
لا أتذكر إلا وجهكِ ! !
حين يهرهر فوق ثيابي الثلجُ ! !
و أسمع طَقْطَقَةَ الأحطابْ ! !
ما يُفرِحُني يا سيِّدتي
أن أتكوَّمَ كالعصفور الخائفِ
بين بساتينِ الأهدابْ ! ! !
ما يبهرني يا سيِّدتي
أن تهديني قلماً من أقلام الحبرِ ! !